السبت، 25 أكتوبر 2008

يوميات طالب بالجامعة العربية المفتوحة...قصة قصير

ترجلت من سيارتي الساعة السادسة الا خمس دقائق مساءً...لدي محاضرة في الادارة تبدأ بعد قليل...وعندما اقتربت من بوابة الجامعة واذا باحد الاشخاص يبادرني السؤال: متى المحاضرة واين مكانها...واعتذر لعدم تمكنه من القاء التحية اولاً قائلا اسف ولكني مستعجل ورايت كتاب الادارة معك فتوقعت انك من ضمن المجموعة... قلت له حسنا انا من نفس مجموعة الدكتور متولي...وذهبنا سويا الى غرفة المحاضرة... كان الرجل متجهما وذو ملامح جدية بل جدية بتفوق... وكانه والابتسامة في خصام منذ امدِ بعيد.. المهم دخلنا قاعة المحاضرة انا وصديقي المتجهم .وكانني في عرس او في اول ايام العيد الحضور يرتدون احسن الملابس وكلا مهتم بطريقة لبس الشماغ والعقال وفي بعض الاحيان امتد الاهتمام بشكل الابتسامه ايضا... استغربت قليلا(مع اني وكعادتي جنتل) ... وماهي الا دقائق حتى زالت غمة الاستغراب...فهمت المحاضرة منقولة عن طريق الدائرة التلفزيونية الى القسم الاخر ....حتى ان بعض الحضور لايكتفى بالكلام مع الدكتور من مكانه بل يذهب الى مكان الدكتور حتى "يضبط" جهاز الكمبيوتر المحمول للدكتور - تبرع كريم بدون طلب -... ماهذا الذي ارى الكل مببتسم ماعدا صديقي بملامحة الجدية وكأن به نازلة... ماهي الادقيقة او اثنتين حتى بدأ الدكتور متولي، بصوته الشجي، ممسكاً بتلابيب المايكرفون المغلوب على امره ، بدا الدكتور المحاضرة (لدي تحفظ هنا، فانا اراهن بان الدكتور لدية صوت يسمع من به صمم)..الهم وبدأت المشاركة الفعالة من حضور القاعة...غريب امر هذه المحاضرة.. المهم..بعد ان شرح الدكتور احدى الفقرات...اتي صوت من القسم الاخر عن طريق السماعات المركبة في زوايا القاعة..احدى الاخوات بدأت بسؤال ( دكتور ممكن نسال عن تي ام اي الجديد امتي تسليــــــــــــمو.. بدك تساعدنا دكتور المره هيدي صعب وطويل)... حسنا بالنسبة للحضور.. حدث بان علت وجوههم ابتسامه زادت على الابتسامه المصطنعة سابقا... لاغريب بالامر.. الغريب حقا هو امر صديقي...ذو الملامح الصعبة..وكانها معادلة كيميائية لاحل لها... علت على صديقي ابتسامه غريبة بعض الشيء...لكنها على ايه حال سميتها ابتسامه...فكرت بها كثيراً.... ماهذا الذي حدث...وكانه زللزال على وجه صديقي لم يبقي من ملامحة القديمة سوى عينية الصغيرتين.. لم تبقي هذه الابتسامه ولم تذر من تللك الملامح المتجهمة قديما..... الهذا الحد يوجد بيننا ؟؟؟؟
احتدم النقاش، زاد الحماس ، كل يريد ان يدلو بدلوه في هذه المحاضرة.كانت المحاضرة عن سياسات تحكم عملية الانفتاح التجاري القادم، وبالطبع تم العروج على موضوع العولمة. ومع النقاش وتشعب المواضيع كالعادة،تم الولوج في موضوع الفرق بين البنت والولد!،صدقوني لا اعرف كيف بدأنا الموضوع ولا اعرف سببا يربط بين الموضوع الاساسي وهذا الموضوع الازلي، ربما ان تكهرب بعض العقول قد ولد هذا التشعب الاعوج.المهم قال احد الحضور ،وقد اخذت يداه بالامتداد كانه يريد ان يطير يريد ان يشرح نظريته الجديد’،ولازلت لا اعرف هل هذا فعلا يمثل رأيه او هو محاولا استفزاز الطرف الاخراو هي محاولة لتلطيف الجو، يقول: الرجل بالطبع اذكى مثلا لو ذهبنا الى أي مقبره واستخرجنا أي جثة فانا مستعد لاعرف هل هي لرجل ام لامراة، اعرف عن طريق حجم الجمجمة، فحجم جمجمة الرجل اكبر من حجم جمجمة المراة.انتهى الرجل من كلامه، لاكني بالتاكيد لم انتهى من التحديق فيه، تمنيت عندها ان افتح جمجمته ،لا لاقيس حجمها، بل لانظفها من هذه الافكار.نحن الان في منتصف المحاضرة، تمت مداخله من احد الاخوات في القسم الاخر،او القطب الاخر، تقول المداخلة : دكتــــــــور بالنسبة للكويــــــــــــز، امتى راح يكون وئته وكمان حددلنا الشباتر دكتور ولا تكتر منـــــــــــهن.ساد صمت القبور على القاعة، وكان احد الحضور بجواري يريد ان تدوم المداخلة الى ما لا نهاية، ولا اعرف هل هو شعوره لوحده ام انها امنية جماعية ، لا اعرف هل يريدونها حفلة غنائية؟خلال تلك المداخلة كنت قد استوقفني منظر لاحد الحضور وهو ممسك بتلابيب شنبه، يفركه ويفركة ثم يمسح عليه، (ربما ليتاكد من وجوده بعد هذا الفرك المبرح)، ثم يعود ويفرك اطرافه، حتى انني كنت اتوقع ان يظهر له عفريت، فلقد قفز الى ذهني مصباح علاء الدين، حسناً، علاء الدين كان يفرك المصباح يطلب نجدة العفريت لانه في مازق، الا انني لا اعرف ماهو مأزق صديقي ابو شنب هذا.اجاب الدكتور متولي على المداخلة بقصة طويله(كماهي عادته). ما ان انتهى دكتورنا من القصة حتى انتهت المحاضرة.المعروف ان بعد كل محاضرة تسابق الطلاب على باب القاعه للخروج... الا ان محاضرتنا هذه بدت وكانها استراحة محارب، الكل جلوس ولا احد منهم يريد الخروج، بل ان بعضهم كان يتمنى من الدكتور ان يمدد وقت المحاضرة(ربما حتى تكثر المداخلات) ، ولا اعرف هل الطلب من اجل فهم المادة او من اجل مزيد من الوصلات الغنائية.نسيت، صديقي طيب الذكر المتجهم القديم، الى اخر مداخلة كانت الابتسامة متماسكة حتى لو انها بدت في غير محلها. خرجت من القاعة انزل السلم درجة درجة ، افكر بواقع المجتمع وكيف سوف يكون وقع التغيير القادم على رؤس البعض منا.انتهت درجات السلم، وبدت لي ارضيت الجامعة كمهبط طائرة لافكار تحلق في الغمام.اقتربت من سيارتي وما ان ركبت وادرت المحرك حتى رايت صديقي ابو شنب معتقا شنبه من الفرك ورايت صديقي متجهم الوجه قد ودع الابتسامه في تلك القاعة وقد لبس وجهه الحقيقي.اما انا، فلا زلت اسال نفسي، هل كنت حاضر محاضرة في الادارة ام ان حضوري كان لحفلة تنكرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تفضل هنا، انتقد او عقب او اكتب ما شئت.
سأكون سعيدا بما كتبت